التعلم التعاوني مفهومه وأنواعه

التعلم التعاوني مفهومه وأنواعه:-


التعلم التعاوني هو أسلوب تعلم يتم فيه تقسيم الطلبة إلى مجموعات صغيرة غير متجانسة ( تضم مستويات معرفية مختلفة القدرات ) ، يتراوح عدد أفراد كل مجموعة ما بين ( 4 – 6 ) أفراد ، إذ يتعاون طلبة المجموعة الواحدة في تحقيق هدف أو أهداف مشتركة ويجعل هذا الأسلوب الطلاب أفراداً منتجين في مجموعاتهم ، فيتفاعلون مع المدرس من جهة ، ومع زملائهم من جهة أخرى تفاعلاً مثمراً ومؤثراً مما يؤدي إلى التقليل من الشعور بالإحراج بين الطلبة ويخلق اتجاهات تعاونية إيجابية لديهم .
وأسلوب التعلم التعاوني ليس بالأسلوب الجديد بل هو قديم قدم الجنس البشري ، إذ كان الناس يقومون بأعمال تعاونية طوال التاريخ الإنساني ، فقد حمل التاريخ في طياته إشارة كبيرة إلى أصول العلاقات الاجتماعية بين الأفراد تتوضح في التربية ، وقد حث الدين الإسلامي الحنيف على التعاون إذ قال جلَّ في علاه في محكم كتابه الكريم
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثم وَالْعُدْوَانِصدق الله العظيم
( سورة المائدة ، الآية 2 ). (1)

فإذا كان التعاون سلوكاً مهماً في حياتنا كمسلمين فنحن أجدر بتطبيقه قبل الحضارات الأخرى ، فهو نتاج ديننا ونحن أولى من الغرب الذين بدؤوا ينادون به، وأظهرت نتائج تجاربهم ودراساتهم أهميته وإيجابياته وتأثيراته ، فأين نحن منه ؟
ففي العقد الثالث من القرن التاسع عشر أوصى باركر ( Parker ) باستخدام التعلم التعاوني ودافع عنه بحماس لأنه يساعد على تحقيق الديمقراطية في غرف الصف مما أدى إلى زيادة التعاون بين التلاميذ.(2)
"واتبع جون ديوى ( john Dewey ) في أوائل القرن العشرين أسلوب باركر إذ استخدم الجماعات التعاونية في الصف وجعله جزءاً من مشروعه المشهور في أساليب التعلم ".(3)
ويذكر جابر عبد الحميد نقلاً عن جونسون وجونسون " انك تتعلم أفضل تعلم حينما تندمج شخصياً في خبرة المتعلم ، بحيث يكون عليك أن تكتشف المعرفة بنفسك ". (3)
وهكذا توالت الجهود وتطور التعلم التعاوني وانتشر في كثير من الأقطار في العالم وتعالت الصيحات التي تنادي بالتعاون ولا سيما في العصر الحديث فمنهم من يقول أن التفكير بعقلين أفضل من التفكير بعقل واحد ، و آخر يقول الكلمة التي تصف المجتمع بشكل أفضل من أي كلمة أخرى هي كلمة التعاون.(2)
أن التعلم التعاوني مبني على التفاعل والتعاون بين أفراد المجموعة وهذا ما اتفقت عليه معظم التعريفات ،
فقد عرفه محمد محمود الحيلة ( 1999 ) بأنه " إيجاد هيكلية تنظيمية لعمل مجموعة من الطلبة بحيث ينغمس كل أعضاء المجموعة في التعليم على وفق أدوار واضحة ومحددة مع التأكد على أن كل عضو في المجموعة يتعلم المادة التعليمية ".(4)
كما وعرفه شمت ( 1999 ) بأنه " الاستخدام التعليمي لمجموعات صغيرة لكي يعمل الطلبة سوية لرفع مستوى تعلمهم وتعلم بعضهم الآخر ". (5)
في حين عرفه جونسون ( 1988 ) بأنه " إحدى وسائل تنظيم البيئة الصفية الذي يعتمد على توزيع الطلاب إلى مجموعات صغيرة غير متجانسة من القدرات أو الخلفية العلمية والطلب منهم إيجاد عمل مشترك ". (6)
وعرفه كارفيلد جونسون ( 1993 ) بأنه " نشاط يتضمن مجموعة صغيرة من المتعلمين الذين يعملون سوية لحل مشكلة أو إتمام مهمة أو تحقيق هدف عام " .(7)
وعرفته نجله الربيعي بأنه " طريقة تتضمن أساليب لتسهيل الحوار واستخدام المهارات التعاونية فضلاً عن تهيئة بيئة تشجع الطلبة على استخدام هذه المهارات " . (
وعرفه السائح ( 2000 ) بأنه " أنموذج تدريسي فيه يقوم الطلبة بأداء المهارات المتعلمة بعضهم مع البعض والمشاركة في الفهم والحوار والمعلومات المتعلقة بالمهارات المتعلمة ، ويساعد بعضهم البعض على عملية التعلم وفي أثناء هذا الأداء والتفاعل الفعال تنمو لديهم الكفايات الشخصية والاجتماعية الإيجابية ".(9)
إن طبيعة التعلم التعاوني تخفف من العبء والمسؤولية الواقعة على كاهل المعلم أو المدرس في إدارة الصف ، فيحصل التعامل مع المجموعات الصغيرة المكونة للصف بدلاً من التعامل مع كل طالب على حدة الأمر الذي يؤدي إلى مساعدته على التفاعل مع عدد اكبر من الطلبة ، فضلاً على انه يتيح للمعلم أو للمدرس تشخيص الصعوبات لدى الطلاب إذ أن دور المدرس في التعلم التعاوني أنه ضابط للمجموعة الجزئية ومعين للطالب وقت الحاجة يزوده بالتغذية الراجعة ويرصد عملية المشاركة الجماعية في مجموعات صغيرة. (10)
إن النجاح في انجاز المهمات المحددة والمعدة مسبقاً يتوقف على التعاون بدلاً من التنافس ، زيادة على ذلك فإن الطلبة مسئولون عن إنجاز عمل كل فرد في المجموعة .(11)
والتعاون بين أفراد المجموعة التعاونية الواحدة كلما كان منظماً ومخططاً كان أسلوبا مؤثراً في تعليم الأداء الفني للمهارات الحركية المختلفة وإتقانه ، إذ إن توافر مهارات العمل التعاوني والاجتماعي ضروري من اجل التفاعل الإيجابي بين أفراد المجموعة الواحدة في تعلم المادة التعليمية ومساعدة أفراد المجموعة على تعلمها.(5)
ولذا يكون التعلم التعاوني بديلاً عن التعلم الفردي بهدف رفع مهارات الطلاب الأكاديمية وتحليلها.(12)

أنواع التعلم التعاوني :-
على الرغم تعدد طرائق تقديم أسلوب التعلم التعاوني إلا أنها تتفق فيما بينها في تقسيم طلاب الصف الواحد إلى مجموعات صغيرة ، وان كل مجموعة تعمل كفريق واحد يتعلم أفرادها المهمة الموكلة إليهم من خلال تفاعل بعضهم مع البعض بوجود ( قائد المجموعة ) أو أفضلهم من دون تدخل المدرس إلا عند الضرورة .
لقد قسم ( جونسون و هولبك 1995 ) أنواع التعلم التعاوني إلى ثلاثة أقسام هي على النحو الآتي (12) :-

1-المجموعات التعليمية التعاونية الرسمية :
وهي المجموعات التي قد تدوم مدة زمنية تصل إلى أسابيع ويعمل الطلاب فيها معاً للتأكد من أنهم وزملاءهم في المجموعة قد أتموا بنجاح المهمة التعليمية التي أسندت إليهم .
2-المجموعات التعليمية التعاونية غير الرسمية :
وهي المجموعات التي لها غرض خاص قد يدوم الوقت لتأديته بضع دقائق أو حصة واحدة .
3-المجموعات التعليمية التعاونية الأساسية :
وهي مجموعات طويلة الأجل وغير متجانسة وذات عضوية ثابتة وغرضها الرئيس هو إن يقوم أعضاؤها بتقديم الدعم والمساندة والتشجيع للذين يحتاجون إليه لإحراز النجاح الأكاديمي .
أما عن أهم أنواع التعلم التعاوني فأني اتفق مع تقسيم الأنواع الذي ذكرتها ( أنعام إبراهيم 2001 ) (15) و هي:-
1.طريقة التعلم معاً .
2.طريقة الفرق والألعاب والمسابقات .
3.طريقة المشروع .
4.الطريقة التداخلية .
5.الطريقة التكاملية .
6.طريقة تعلم الأقران.
7.طريقة مجموعة الخبراء.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصـــــــــادر:
1-القرآن الكريم .
2-ديفد جونسون وروبرت جونسن ؛ التعلم الجماعي والفردي التعاون والتنافس والفردية . ترجمة محمد رفعت بهبات , القاهرة ، دار الكتب ، 1998 .
3- عبد الحميد جابر ؛ ستراتيجيات التدريس والتعلم , سلسة المراجع في التربية وعلم النفس ، الكتاب العاشر ، القاهرة ، دار الفكر العربي 1999 .
4-محمد محمود الحيلة ؛ التصميم التعليمي نظرية وممارسة , ط1 ,عمان ، دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة ، 1999.
5- Smith Karl, A. cooperative Learning. Effect work for Engineering classroom. University of Minnesota cooperative Learning center Microsoft Internet, 1999 .
6- Johnson, T. Circle of Learning cooperation in the classroom, Al exandria, VA, Aseo, 1988.
7- Garfield, Johnson, teaching statistics using small – group cooperative Learning. Journal of statistics education (1) Universty of Minnesota 1993
8- نجله الربيعي ؛ اثر استخدام طريقة تعلم الأقران في تحصيل طالبات الصف الثاني – معهد إعداد المعلمات وتنمية اتجاهات نحو مادة العلوم , رسالة ماجستير ، جامعة بغداد ، كلية التربية ( ابن الهيثم ) ، 1999 .
9- مصطفى السائح ؛ اتجاهات حديثة في تدريس التربية البدنية الرياضية , القاهرة ,مطبعة الإشعاع ، 2001 .
10- عبد الله عباينه ؛ اثر نموذجين من نماذج التعلم التعاوني على اتجاهات طلاب الصف السابع للتعلم الأساسي تجاه تعلم مادة الرياضيات في الأردن , مجلة مركز البحوث التربوية ، جامعة قطر ، العدد ( 8 ) لسنة ( 4 ) ، 1995 .
11- فايز الشباب ؛ اثر استخدام طريقة التعلم التعاوني وطريقة المنافسة الجماعية في تنمية التفكير الناقد لدى طالبات الصف العاشر الأساسي في مادة الجغرافية : ( أطروحة دكتوراه ، جامعة بغداد ، كلية التربية ، 2001 .
12- محمد عباينه وأمل خصاونة ؛ اثر استخدام التعلم التعاوني في تدريس العلوم على تحصيل طلبة الصف الرابع الابتدائي : ( عمان ، المجلة التربوية ، 1991 .
13- جونس وجونيس وهوليك (1995) ؛ ترجمة مدار الظهران الأهلية , مؤسسة التركي للنشر والطباعة .
14- أنعام إبراهيم ؛ اثر التدريس المصغر التعاوني في اكتساب مهارات تدريس الرياضيات ,أطروحة دكتوراه ، جامعة بغداد ، كلية التربية ( ابن الهيثم ) ، 2001